الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي.. تعالوا اليوم أبثكم همًا.. هو في صدري منذ زمن، ولكن هاج هذا الهم في يوم عرفة،
حين رأيت الناس يدعون الله.. هذا يدعو الله ليسدد الله دينه، وهذا يدعو بالصحة،
وهذا يدعو بالولد، وهذا يدعو لأمه، وهذا يدعو لأبيه، وهذا يدعو لأخيه،
فتذكرت حديث رسول الله في الشفاعة، حين يقول كل نبي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري،
وقال النبي "أنا لها"، فقلت: هل من رجل اليوم للأمة يدعو لها؟؟؟..
هل من رجل يصرخ ويجأر ويدعو دعوة مضطر
( يا رب .. المسلمون في العراق يذبحون وتنتهك أعراضهم، يا رب.. المسلمون في الشيشان يذبحون ذبح النعاج، يا رب..
المسلمون في أفغانستان أكلت الكهوف عظامهم، يا رب..
المسلمون هنا وهناك قد تنكرت لهم الأرض فما عادت هي الأرض التي نعرف،
وتنكر لهم الناس، يا رب.. ضعفاء المسلمين.. فقراء المسلمين)
وهنا هجم على خاطري وبشدة المسجد الأقصى، وتخيلت لو كان النبي صلى الله عليه وسلم
يعيش في هذا الزمان بيننا، ويقف بعرفة هذه السنة، فبماذا كان سيدعو وهو يرى المسجد الأقصى بهذا الحال؟ .
إخوتي ،،،
بعض الناس يعيب علينا أحيانًا بعض المسائل.. موقفنا فيها ليس موقف فرديًا بل هو موقف المنهج،
فقضية المسجد الأقصى ليست مسألة إثارة وتهييج، فلسنا ممن يتاجر بدماء المسلمين.. فليس هذا منهجنا .
فنحن أصحاب منهج ولذلك المعالجات تأتي تبعًا لهذا المنهج، فقضية الأقصى قضية كبيرة..قضية أمة مغيبة،
فهذه القضية لا تعالج بمجرد الكلام، وإنما بإنقاذ الأمة لتنقذ الأقصى ..
ولكن أمتنا اليوم أمة مغيبة تجري وتلهث مع الشهوات.. أمة مغيبة تلهث وراء الكرة..
فليس حل القضية بإشعال العواطف فقط.. ثم تبرد هذه العواطف، ولكن القضية تربية وتعميق التربية .
فإلى من يلومنا نقول:
ما ضر الطبيب إن لم يصدقه المريض؟
ماذا خسر الدليل إن تاه عنه الحائرون؟
هل هناك أضيق عيشا ممن أسرته لحظة!
هل هناك أخسر صفقة ممن رضي الكلامَ حظَه؟
يا أمتي..
لن يكون نصر من غير توحيد همّ
أهل الخبث لن يعيدوا المجد.. بل الخذلان هُم
أمة همها مباراة.. فالفوز نصر والخسارة غم
لا يغير الله ما أخزاهم وأغمهم
{حتى يغيروا ما بأنفسهم}
أمتي..!
هل عندكم رب غير الله تتخذوه نصيرا؟
هل عرفتم هديا غير هدي محمدٍ يصلح دليلا؟
هل هدي أحد إلى فهم أرجح وأزكى ممن عاينوا التنزيلا؟
النصر من هنا يا أمتي!
فمن صدق رآه في الأفق.. وسعى إليه بقلب قرير وعزم جسور
ومن تاه.. يئس من النصر {كما يئس الكفار من أصحاب القبور}
غضِبنا .. نعم.. اغتظنا .. نعم.. نشعر بالتهديد والألم
لكن منهجنا راسخٌ.. ويقيننا شامخ.. ضارب في عمق القدم
سطره أشرف قلم.. وأوحي في أشرف كلم.. ورفع كالجبل الأشم